اللعب على الحبلين
لا غرابة أن المدربين واللاعبين الأجانب باتوا يعتبرون الدوري الإماراتي جسر عبورٍ إلى ما هو أكبر وأهم على صعيد الدوريات الأوروبية والمنتخبات الوطنية، فكم من اسمٍ كانت قد مهّدت كرتنا المتواضعة طريقه إلى شرف دوري أبطال أوروبا وسؤدد كأس العالم!
ولكن ما يخلّف لدي شعورا إلزاميا بالمرارة كمشجعةٍ لهذا الدوري الناشئ هو أن يكون "آخر همّ" من يكسبون منه لقمة عيشهم.
البداية في هذا الموسم كانت قبل أسبوعٍ حينما تجددت ملحمة أولاريو كوزمين مع الاتحاد الروماني، فأدلى هذه المرة بتصريحاتٍ إلى إحدى المواقع الرومانية يفصح فيها عن استعداده لفسخ تعاقده مع الأهلي لتدريب منتخب بلاده، مضحيا بالأموال والمرتبات العالية في سبيل ممثّل وطنه.
ورغم محاولته إنكار مفاوضاته لتدريب المنتخب، تمكّن رئيس رابطة الاتحاد الروماني من فضح ما كان يفعله كوزمين خلف الستارة الحمراء، وبعيدا عن أنظار الجماهير التي تهلل باسمه.
على الجانب الآخر، يخرج كايو جونيور، مدرب الجار الشباب، في صحيفة "جلوبو سبورت" البرازيلية ليعلن عن رغبته في تدريب المنتخب البرازيلي، وإيصاله للمنافسة على اللقب المونديالي السادس.
وقبل أن تشككوا في إمكانية قيادته للسامبا وهو الذي يكرر ذات التبديل المتمثّل في إخراج ظهيره الأيمن والزج بمهاجمٍ، أطلق كايو "صاروخا" تصريحيا آخرا، فالرجل يؤكد على أنه بات جاهزا ليعود إلى الوطن ليكون أحد أعظم المدربين في تاريخ البرازيل، على حد قوله. ولا نملك بدورنا إلا أن نقول "رزقنا الله ثقتك بنفسك".
من حق كل الطيور الأجنبية التي حطّت في دورينا أن تفكر في موسم الهجرة، ولكن هل من المعقول والمقبول أن يصدر هذا الاستخفاف بنا في وقتٍ حساسٍ من الموسم الكروي يحاول فيه الجميع أن يجدوا موطأ قدمٍ لهم؟
فوعود كوزمين بالتضحية بالفرسان الحمر في سبيل منتخب بلاده أتت عقب خسارته العريضة في ديربي ديرة، وتعثّره بتعادلين مخيبين للآمال أمام عجمان والفجيرة، فكيف له أن يركز على الاحتفاظ بلقبه وهو الذي يقوم خلف ظهورنا بحسابات أمم أوروبا 2016؟
أما مدرب الشباب، فقد غازل أندية بلاده، ودخل لينصب نفسه بنفسه عميدا لمدربي الكرة البرازيلية وكأنها "وكالة من غير بواّب"، بعد أن كان قد سقط في مباراتين متتالين في دورينا مفرطا بفرصة الصدارة، رغم أنه خرج بعدهما متفاخرا بتحقيقه لـ"60% من النقاط الممكنة"، على حد تعبيره.
لا أدري ما السر في جرأة نجوم دوري الخليج العربي على اللعب على الحبلين، والمجاهرة باستخفافهم بنا، وبتشتت أذهانهم بيننا وبين تلك الإنجازات التي يخططون لها خلف البحار. لا أدري إذا كان هؤلاء لا زالوا يعيشون في عصور ما قبل "ترجمة جوجل" حينما كانت أنشطتهم المنشورة في إعلامهم المحلي تفلت من رادارنا، ولكن كل ما أتمناه هو ألا يكونوا فوق المحاسبة حينما يصمّون آذاننا بأهمية الاحتراف والتفرغ، ثم يتمنعون عن تفريغ أذهانهم لمصالحنا وأهدافنا.