أجراس عودة فيلبس إلى أحواض السباحة تقرع
كالسمكة التي لا تستطيع العيش خارج الماء، يتجه السباح الأميركي مايكل فيلبس للعودة إلى الأحواض منافسا. خطوة مرتقبة في ضوء استعداداته التي رفع وتيرتها منذ حزيران (يونيو) الماضي، إذ بات "فتى بالتيمور" ينتظم في ست حصص تدريب أسبوعية وخسر 7 كيلوجرامات من وزنه.
كما تضمن موقع الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات (اوسادا) خبر خضوع فيلبس (28 سنة) لفحصين "تمهيديين" في الأول من تموز(يوليو) و30 أيلول (سبتمبر)، ما يعني أن السباح الذي أعلن اعتزاله بعد انجازه الاولمبي في دورة لندن 2012، لن يستمر في قراره. وفي ضوء الأنظمة المرعية، يسمح له بالمنافسة بعد تسعة شهور يخضع خلالها لفحوصات المنشطات.
يتوقع أن يسير فيلبس الفائز بـ22 ميدالية اولمبية بينها 18 ذهبية منها 8 في دورة بكين عام 2008، على خطى مواطنيه مارك سبيتز ودانا توريس وجانيت ايفانز وانطوني ارفين والاستراليين مايكل كليم وايان ثورب والفرنسية لور مانودو، بصرف النظر عن نجاح عودته. علما أن مدربه بوب باومان أشار إلى أن استعادة منسوب السرعة السابق والقوة المؤهلة لتحقيق ألقاب يلزمهما سنتان من العرق والجهد، موضحا أن التدريب للمنافسة يعني الخضوع لعشر حصص أسبوعيا، واضعا المجهود الحالي الذي يبذله سباحه في إطار المحافظة على لياقته.
بعد "اعتزال" السباحة، زاول فيلبس رياضة الغولف وحقق نتائج مقبولة على مستوى الهواة. لعبة علمته التواضع على حد تعبيره لكن يبدو أنه لم يجد فيها ضالته، ولم تعبأ الفراغ الذي تركه ابتعاده عن السباقات، على رغم انشغاله وفق ما اوضح عقب "الاعتزال" بورشة منزله الخاص.
كان فيلبس أعلن بعد تتويجه الأخير في 4 آب (اغسطس) 2012 في لندن، أن "مايكل المنافس في الأحواض مات، وهناك أشياء أخرى مهمة في الحياة علي الإقدام عليها بعدما سبحت 20 طيلة عاما".
لكن عودته المحتملة تؤشر لطموحه خوض دورة اولمبية خامسة على التوالي، وسيكون في الـ31 من عمره في حال تأهل لألعاب ريو دي جانيرو عام 2016، وطبعاً هو طموح يدغدغ مشاعره فلعله يصبح أول سباح يتوج في 4 دورات اولمبية على الأقل في أحد سباقات التتابع. ويبقى تحديد المسافات المنوي خوضها والتفرغ لها، لكن يرجح تركيزه على الـ200م كحد أقصى.
وفيلبس هو السباح الوحيد الفائز بثلاثة ألقاب اولمبية على التوالي في سباقي الـ100م فراشة والـ200م متنوعة، إلى جانب السباحتين الاسترالية داون فرايزر والهنغارية كريستينا ايغرزتشي.
في المقابل، كشف الهولندي بيتر فان هوغنباند الفائز بذهبية الـ100م حرة في دورتي سيدني 2000 واثينا 2004 الاولمبيتين، أنه ناقش مع فيلبس "فكرة العودة" خلال بطولة العالم الأخيرة في برشلونة الصيف الماضي، و"وجدت أن حس السباح لا يزال في داخله، وتأكدت أنه ليس جاهزا بعد لحياة جديدة"، علما أن فيلبس جزم مرات أنه لا يريد أن يستمر في المنافسة بعد سن الـ30.
وبناء عليه، قلة من الرياضيين يحكمهم "المنطق" الذي ينتهجه السباح الهولندي، والذي أدرك بعدما فشل في حصد لقب ثالث تواليا في الـ100م حرة خلال ألعاب بكين، أنه حان الوقت لوضع حد لمسيرته. وانصرف إلى أعمال أخرى غالبيتها في إطار الاستشارات الرياضية والتعليق على السباقات وتحليلها.
متابعو تحضيرات فيلبس واستعداداته، التي لم يفصح عن تفاصيلها، يتوقعون أن يخوض التأهيليات الأميركية لبطولة العالم في كازان عام 2015. ويلفتون إلى أن قرار عودته في حال حسم أمره في هذا الشأن مرده إلى حاجة داخلية "ليشعر أنه حي. فبعيدا من الحوض الوحدة قاتلة جدا، ولا مجال سهل لتعويض فراغ مدته نحو 7 ساعات يوميا كان يمضيها في التدريب"، مستبعدين أن يكون الربح المادي مصدر تجدد رغبته بالمنافسة وإضافة ألقاب إلى سجله الزاخر بها.
على يدي باومان، تحول فيلبس من فتى ذي نشاط مفرط في غير محله وقليل التركيز في صغره إلى بطل لا يجارى حصد 33 ميدالية عالمية بينها 26 ذهبية و19 رقما قياسيا فضلا عن القابه الاولمبية الـ18. وهو أصبح أصغر حامل لرقم قياسي عالمي (سباق الـ200 فراشة، 30 آذار/مارس 2001 في اوستن)، في عمر 15 سنة و9 شهور.
وصف الأطباء مزاولة السباحة لفيلبس على سبيل العلاج، ووجد باومان عنده قدرة فائقة على التحمل وكأنها الوجه الأخر لنشاطه المفرط، فكانت فرصة ذهبية لتقديم نموذج يطبق أساليبه ويبرهن نجاحها. بينما وجد الفتى في مدربه تعويضا عن الأب الذي لم يعرفه إلا فترة وجيزة إذ فقده وهو في السابعة من عمره.
وجدية فيلبس جعلته مصمما على النهوض يوميا واضعا نصب عينيه تحقيق أفضل الأوقات في الحوض. وسعى دائما لأن يكون صلبا ذهنيا، وقد "تحقق ذلك بفضل باومان"، الذي سيكون مدربه أيضا في حال نفذ "عودة ثانية مظفرة".